إنَّ الإلتقاءَ معَ الأصدقاءِ والأحبابِ من أجملِ اللحظاتِ وأروَعِها ، يقضي المرءُ أوقاتاً ممتـعـةً بِرفْقَةِ زُمَلاءِ الدراسةِ او العملِ او الأقرباءِ ، ويتنوَّعُ الحديثُ بينَ حِوارٍ ومناقشاتٍ علميةٍ او أخبارٍ سياسيةٍ او حديثٍ عن الذكرياتِ الجميلةِ وظرائفَ مُضحكةٍ ، ولكنْ قد لا تكونُ الجَلسةُ مُثمرةً بسببِ افتقارِها لضوابطِ الجَلسةِ الصالحةِ مما يَترُكُ أثراً سَلبياً يندَمُ عليهِ المرءُ لما يترتَّبُ على ذلكَ مِن مشاكلَ في الدنيا وتبعاتٍ في الآخرةِ ، ولكي تكونُ الجلسةُ مثمرةً  لابدَّ من مراعاةِ النقاطِ الآتيةِ :

تقييمُ الجَلسةِ مِن خِلالِ الإعدادِ لها

نستطيعُ أنْ نُقيِّمَ الجلسةَ كونها مثمرةً أم  لا  مِن خلالِ علامةٍ رئيسيةٍ وهيَ الشخصياتُ التي ستلتقِي بِهاومستوى ثقافتِها وتربيتِها ، ومعرفةُ  مِحورِ المُلتَقَى وموضوعاتِ الحديثِ التي ستكوُن مادةَ الحِوارِ والمناقشةِ و بِحُسنِ إدارةِ المُعِدِّ والمُنسِّقِ للجَلسةِ  ...

إستثمروا اجتماعَكم لصالحِ تبادُلِ الخبراتِ المهنيةِ

اذا كُنتُم خليطاً منَ الأصدقاءِ كُلُّ فردٍ فِيكُم ذو مِهنةٍ وتوَجُّهٍ عَمَليٍّ مُختلفٍ عنِ الآخرِ بإمكانكِم ان تَضَعُوا موضوعاً للحوارِ يدورُ حولَ تجربةِ كلِّ فردٍ مِنكُم في مجالِ تخصُّصِهِ وما واجَههُ من المشاكلِ وكيفَ أكتشفَ الحلولَ المناسبةَ لها .

لا تندفعْ معَ الموجَة

من يعبِّرُ عن رأيهِ بالصُراخِ  ليُثبِتَ أنَّهُ على صوابٍ دعهُ يستفرِغُ حَديثَهُ دونما الردِّ عليهِ بنفسِ الأُسلوبِ ثُمَّ حَوِّلْ وَجهَكَ عَنهُ ووجِّهِ الكلامَ الى غيرهِ ولا تسترسلْ معهُ في الحديثِ مُطلقاً ، ليُدرِكً قَباحَةَ أُسلوبِهِ ،  فإقناعُ الآخَرينَ ليسَ بعُلُوِّ الصوتِ بل بقوةِ الدليلِ .

لا تَدخلْ أيَّ نِقاشٍ لا توجدُ لهُ محاورَ مُحدَّدَةٍ

كثيرٌ منَ الجلساتِ تتحوَّلُ الى فَوضى فيختَلِطُ الباطلُ بالحقِّ والخطأِ بالصوابِ وتضيعُ ثمرةُ الإجتماعِ ، وسبَبُها كثرةُ إيرادِ نقِاطِ النقاشِ وكلٌّ يتحدثُ ويُعلِّقُ بما يخطرُ في بالهِ من الموضوعاتِ  .

كُنْ واضحاً في طرحِ آرائكَ

أَفهِمْ الجالسينَ بوجهةِ نظركَ حولَ الموضوعِ وتأكَّدْ من استيعابِهِم لما تُريدُهُ ، فإنَّ سوءَ الفهمِ أو اختلاطِ المفاهيمِ يُسبِّبُ دخولَ المتحاورينَ  في دوامةٍ من الجدلِ والحديثِ المُطوَّلِ .

الخروجُ بثمرةٍ وفائدةٍ

حاولْ أنْ تُفكِّرَ قبلَ أنْ تُشاركَ الآخرينَ في جَلسةٍ حِواريةٍ هل سَتستفيدُ بعدَ انقضاءِ هذا الاجتماعِ ؟  هل تحصُلُ على معلومةٍ جديدةٍ أو تكونُ سبباً في نفعِ الآخرينَ؟

لا تتردَّدْ في المغادرةِ

 اذا اكتشفتَ أنَّكَ لا تستفيدُ أو تُفيدُ فلا تَتَردَّدْ  بِتركِ الجَلسةِ وغادِرها مُعتذراً منَ الرُفَقاءِ  بوجودِ مَهامٍّ أخرى ، وإذا كانتْ الجَلسةُ في منزلِكَ فسَيطِرْ على نُقاطِ ومَحاورِ الحديثِ بإبعادِ الجالسينَ عن المناقشةِ غيرِ المُثمرةِ  الى المُفاكَهَةِ والمُزاحِ المُباحِ وتناولِ بعضِ الطعامِ  ...

جَلساتٌ سَلبيةٌ

من المؤسفِ أنْ تَتَلوثَ جَلَسَاتُ اللقاءِ والاجتماعِ بينَ الأصدقاءِ والأحبابِ  بالمعاصيَ والنيلِ من الآخرينَ أمَّا بالتسقيطِ أو الغِيبةِ أو الافتراءِ أو التعدِّي على الأعراضِ والتلفُّظِ ببعضِ الألفاظِ النابِيةِ أو التحدُّثِ بفُحشٍ فهُنا ينبغي أن لا تُداهِنْ أو تجاملْ وكُنْ حازماً في عَدَمِ السَماحِ لأيٍّ مِنَ الجالسينَ أنْ يُلوِّثَ الجَلسةَ بتلكَ الأمورِ القبيحةِ .

إحذرْ مجالسَ الحَسرَةِ

لا تتركْ أيَّ جَلسةٍ بدونِ أنْ تذكرَ اللهَ فِيها أو تُصلِّيَ على النبيِّ وآلهِ فَعنِ الإمامِ الصادقِ (عليه السلام): ما اجتمعَ قومٌ في مجلسٍ لم يَذكُروا اللهَ ولم يَذكُرُونا، إلا كانَ ذلكَ المجلسُ حَسرةً عليهِم يومَ القيامةِ.

إنتقاءُ المجالسِ بلحاظِ الجُلسَاءِ

إختيارُ الجُلساءِ أمرٌ واجبٌ فإنَّ في ذلكَ سلامةَ المَرءِ في الدنيا والآخرةِ وكم مِن مُشكلِةٍ أُصِيبَ بِها الإنسانُ سبَّبَها قُرَناُء السُوءِ وهو بريءٌ، وكم من خيرٍ أصابَ الانسانُ بسببِ الجُلساءِ الطييونَ  فعن لُقمانِ الحكيمِ (عليه السلام) وهو يُوصي ابنَهُ : إختَر المجالسَ على عينَيْك، فإن رأيتَ قوماً يذكرونَ اللهَ عزَّ وجَلَّ فاجلسْ معهُم، فإنَّك إن تكُ عالما ينفعُكَ عِلمُكَ ويزيدونكَ عِلماً، وإنْ كنتَ جاهلاً علَّمُوكَ، ولعلَ اللهَ يَصِلُهُم برحمةٍ فتعمُّكَ مَعَهُم.